طنجة : مع بداية الصيف.. “باترونات” محلات التدليك وموضة اصطياد النافذين

البوغاز تيوز : في قلب مدينة طنجة، تتنامى ظاهرة محلات التدليك (SPA) التي تشتغل في الغالب خارج الإطار القانوني، سواء من حيث توقيت العمل أو طبيعة الأنشطة التي تُمارَس خلف واجهات مزخرفة وواجهات زجاجية. ورغم الجدل المتكرر حولها، ما تزال هذه المحلات تواصل نشاطها اليومي والليلي بوتيرة متصاعدة، في مشهد يبدو منفلتًا من الضوابط التنظيمية المعروفة.

غير أن ما يُثير القلق أكثر من التجاوزات المهنية، هو ما بدأ يُوصف محليًا بـ”سباق النفوذ بين الباترونات”، حيث تخوض صاحبات هذه المحلات صراعًا خفيًا فيما بينهنّ من أجل كسب علاقات مع شخصيات وازنة، يمكن أن تضمن لهن الحماية أو التغاضي عن التجاوزات، سواء كانت متعلقة بساعات العمل، أو بطبيعة الأنشطة التي تتم داخل بعض هذه الفضاءات.

المنافسة بين الباترونات لم تعد تقتصر على الموقع الجغرافي أو ديكور المحل، بل تطورت إلى ما يشبه “لعبة اصطياد للنافذين”، تسعى من خلالها كل واحدة إلى توسيع شبكتها الخاصة، واستغلال العلاقات الشخصية – وأحيانًا العاطفية – كوسيلة لتعزيز حضورها وتمددها داخل السوق.

وتُروى في هذا السياق قصة متداولة في أوساط المدينة، عن إحدى الشخصيات المعروفة، انفصل مؤخرًا عن زوجته التي أنجب منها ثلاثة أبناء، بعدما ارتبط بإحدى الباترونات التي تملك سلسلة محلات تدليك راقية. هذه الواقعة، رغم أنها تظل جزءًا من الحياة الخاصة، إلا أنها تعكس بوضوح كيف أضحى النفوذ العاطفي أداة للتموقع والتوسع، في سوق يزداد غموضًا وتعقيدًا.

وتنشط العديد من هذه المحلات في أوقات متأخرة من الليل، بل إن بعضها يفتح أبوابه على مدار الساعة، في تحدٍ واضح لكل المذكرات التنظيمية السابقة، الأمر الذي يخلق حالة من الفوضى داخل أحياء سكنية كانت إلى وقت قريب تنعم بالهدوء. ومع تكرار مظاهر الضجيج والازدحام الليلي، يتعمق لدى السكان شعور بالقلق من تحوّل هذه الفضاءات إلى مراكز نفوذ موازٍ، تتحرك خارج دائرة الرقابة المجتمعية.

اللافت أن هذه المحلات لا تواجه عراقيل واضحة، بل تبدو في أحيان كثيرة في وضع مريح، ما يُعزز فرضية وجود “حماية غير مباشرة”، أو على الأقل، مناخ يسمح لها بالتمدد دون مساءلة. ويشير عدد من المتابعين إلى أن العلاقات الشخصية التي تنسجها بعض الباترونات تلعب دورًا محوريًا في تأمين هذا الحضور القوي، رغم ما يرافقه من تجاوزات وممارسات مشبوهة.

السؤال الذي يُطرح بإلحاح اليوم:
كيف يستمر هذا النشاط خارج القانون؟ ومن يضمن له الاستمرارية؟
وهل تحوّلت بعض محلات التدليك من فضاءات راحة إلى أدوات اختراق اجتماعي تمارس تأثيرًا يفوق ما هو ظاهر؟

في ظل هذا الصراع الصامت بين الباترونات، تتآكل صورة المدينة تدريجيًا، وتتزعزع ثقة المواطنين في البيئة الحضرية التي يُفترض أن تحترم القانون، وتُحصّن الحياة العامة من أي انزلاقات مستترة خلف واجهات براقة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.