قبل ظهور ثورة الإنترنت، انتشرت في أحياء طنجة إشاعة تناقلتها الأفواه عنْ كون امرأة ولدت ثعبانا في مستشفى محمد الخامس.

بعد ثلاثة أيام كان الثعبان قد أصبح تنّيناً “هيشة”، وكانت الوفود الرسمية من نساء الحي تزور المستشفى تباعا لتشاهد كيف تبدو الهيشة على أرض الواقع !! لكنهن للأسف كن يحبطن بعد أن يكتشفن أن أحلامهن كانت مجرد كذبة أطلقها أحمق.
وفي حدود سنة 2008، إن لم تخني الذاكرة، أعد متحذلق ما صفحة على الإنترنت تحوي قصة مبهجة عن أن تسونامي عنيف سيضرب السواحل المغربية، ثم قام بإرساله إلى عدد من المجموعات البريدية الإلكترونية (لم يكن زمن وسائل التواصل قد أعلن سطوته بعد).

طبعا، القصة لا تنطلي على طفل صغير، لكن صاحبها اجتهد ما أمكن ليجعلها تبدو قابلة للتصديق. فحسب الصفحة التي نشر بها الخبر، فإن تسونامي الذي سيحدث سببه مجموعة من النيازك التي تمر بمحاذاة الأرض، لكن أحدها سيشعر بالملل وسيقرر تغيير مساره ليرتمي في المحيط الأطلسي من أجل أخذ حمام بارد.

ولم ينس المؤلف أن يضيف البهارات الضرورية لهكذا قصة: وكالة نازا، إحداثيات سقوط النيزك، البرتغال التي سيضربها التسونامي أيضا… إلخ.

كلنا نعرف هذه الحيل. استعمل كلمة أو كلمتين علميتين، أضف إلى القصة مصدرا موثوقا، أحشر بضع كلمات معقدة على غرار”مجرة بيلاكورور”، وها أنت لديك خبر يستحيل أن يكذبه من أوتي من العلم نزرا يسيرا.

وسرت الإشاعة بين الناس كما تسري النار في هشيم غابات طنجة. تحاول ما أمكن أن تشرح للناس أنها مجرد نكتة أطلقها شخص يعتبر نفسه ظريفا بعض الشيء، لكن يستحيل أن تجد أذنا واحدة صاغية. الجواب لديهم جاهز ومعد سلفا: الناس شافوها في الإنترنت.

ما حدث بعد هذا مريع، فقد وصلت أخبار أن الكثير من المواطنين هاجروا إلى المناطق الداخلية تجنبا للغرق. في حين بات الآخرون يرتجفون في انتظار أن تقتحم مياه البحر غرفهم في الساعة الخامسة صباحا، وهي الساعة التي حددها صاحب القصة المختلقة.

بل إنني أذكر صديقا بات يقرأ القرآن بصوت عال، يسمعه كل من في البيت.. ولسان حاله يقول: إلا موتنا نموتو كانقراو القرآن بعدا.

أخيرا، مرت العاصفة، ومن غبار الإشاعة خرج الناس يسعلون ويبتسمون في حرج. لقد خدعونا وكذبوا علينا، لكن المهم أننا بخير.

أنتم الآن بخير، نعم. لكن ماذا لو قرر أحمق آخر أن يعد صفحة جديدة عن مصيبة جديدة؟

هذا ما حدث مؤخرا، بعد أن قرر “عرّاف” هولندي، يطلق على نفسه اسم عالم، أن يتنبأ بتسونامي جديد (إن كان فعلَ ذلك حقّا!!) ، وأن يثير الهلع في عباد الله، التي لا تفرق بين المعلومة الصحيحة والمضللة، وبين عالم ومدّعٍ.. كما لا تحاول التأكد إن كان ذلك صدر عنه فعلاً أم تم نسبه إليه.

ومن جديد عاد الرعب والهلع، خصوصا أن المغرب كان لا زال يئن من وطأة فاجعة الحوز، قبل أن يتضح – للمرة الألف – أن الأمر من جديد مجرد إشاعة وكلام فارغ.

أظن بصدق أن ناشري الإشاعات والهلع بين الناس يجب أن يخضعوا لعقوبات صارمة جدا، فنتائج “جرائمهم” تعادل نتائج جريمة العاهات المستديمة.