حينما يهزم الذكاء الاصطناعي مهندسي طنجة.. تصاميم افتراضية تحرج المجالس وتعيد الجدل حول الذوق العام
البوغاز نيوز : تعيش مدينة طنجة في الآونة الأخيرة على وقع نقاش حاد بين الذوق العام والقرارات الهندسية للمسؤولين المحليين، بعد أن فجر الذكاء الاصطناعي مفارقة موجعة.
مفارقة تنبني في الأساس على فرضية تفضي إلى أن ما عجز عنه المهندسون والمجالس، المنتخبة والمعينة، نجحت فيه تطبيقات رقمية في دقائق، وسط تفاعل كبير من ساكنة المدينة، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي.
أحدث الأمثلة على ذلك، انتشار واسع لصور معدّلة بواسطة الذكاء الاصطناعي لمحج مرقالة الشهير، أبرز وجهات طنجة السياحية، أظهرت المكان في حلّة متناسقة وجذابة تُراعي الجمالية والطابع الطبيعي للمنطقة.
الصور لاقت إعجابا منقطع النظير من طرف الطنجيين على مواقع التواصل، ودفعت كثيرين إلى التساؤل، “لماذا لم تأتِ التصاميم الرسمية بهذا المستوى من الذوق والرؤية؟”.
هذا الزخم الرقمي جاء في سياق تصاعد الانتقادات الموجهة للمجالس وبعض مهندسيها الذين يُتّهمون بإفساد جمالية طنجة، من خلال مشاريع عشوائية أو فقيرة بصريا، لا تعكس روح المدينة وتاريخها ولا طموحات سكانها.
القصة بدأت حين تم تثبيت مجسم فني قرب معلمة بلاصا طورو وسط طنجة، في خطوة اعتبرها المسؤولون تندرج ضمن جهود “تجميل المدينة”، لكنها سرعان ما قوبلت بموجة عارمة من الانتقادات والسخرية من طرف السكان الذين اعتبروا التصميم “غريبا عن هوية المدينة” و”مفتقرا لأي جمالية بصرية”.
وفي خضم هذه الانتقادات، تداول نشطاء صورا معدّلة عبر تطبيقات الذكاء الاصطناعي، تحاكي نفس المكان بتصاميم بديلة راعت الطابع المحلي والهوية المتوسطية لطنجة.
وكانت النتيجة ترحيبا واسعا وتعليقات تمجد الذكاء الاصطناعي وتطالب المسؤولين باعتماده في مشاريع التهيئة بدل الاعتماد على “اجتهادات” أثبتت فشلها، على حد تعبير كثيرين.
هذا الجدل لم يكن الأخير من نوعه، فقبل أسابيع فقط، انفجرت موجة غضب عارمة بعد الكشف عن النسخة الجديدة من معلمة سور المعكازين التاريخية، حيث اعتُبر تصميمها الجديد مسيئا لذاكرة المكان، و”تشويها لهوية المدينة”.
وتفاعلا مع هذا الغضب، اضطر والي جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، يونس التازي، إلى التدخل شخصيا، بإعفاء المهندس الذي أشرف على المشروع، وإعطاء تعليمات لإعادة تهيئة الموقع.
خطوة لقيت حينها إشادة من البعض، لكنها أعادت طرح السؤال الأهم، لماذا لا تُعرض التصاميم على الساكنة أو تُخضع لاستشارة موسعة قبل التنفيذ.
وفي مواجهة هذا “الإفلاس الجمالي”، بدأ نشطاء طنجة يلجؤون بشكل متزايد إلى الذكاء الاصطناعي، لتصميم بدائل جمالية واقعية لمعالم المدينة، في ما يشبه “استنجادا رقميا” لإنقاذ الفضاء العام من الاجتهادات الرسمية.
تطبيقات كـ Midjourney وDALL-E وAdobe Firefly أصبحت أدوات يستخدمها المواطنون لصياغة تصورات أفضل لمعالم طنجة، من كورنيش مرقالة إلى ساحة الأمم.