حق الزوج الاستمتاع بالزوجة و إذا تمنعت منه فحق الزوج أن يطلقها

 اشتهر كتاب «ما يجوز وما لا يجوز في الحياة الزوجية» للعلامة الراحل عبد العزيز بن الصديق، وهو عبارة عن فتاوى في الحياة الزوجية كان العلامة الراحل ينشرها في اسبوعية ” الخضراء الجديدة ” الصادرة كل يوم خميس بطنجة وذالك في التسعينات، وكانت تطبع آنذاك  ثلاث طبعات من العدد الواحد بسبب الإقبال الكبير عليه، ما يظهر الفراغ الحاصل في هذه القضايا من الناحية الشرعية. واللافت أن كتاب بن الصديق تضمن فتاوى جريئة ردا على سائليه . ونزولا عند رغبة قرائنا الآوفياء الذين كانوا يتابعون نشر سلسلة هذا الكتاب على صفحات جريدة ” آحداث البوغاز ” الورقية خلال سنة 2007 ولتعميم الفائدة على كل من فاته قراءة هذا الكتاب نعيد نشر بعض آهم ما جاء فيه من فتاوى الجريئة في الحياة الزوجية ولكل غاية إفادة .

البوغاز نيوز : بقلم العلامة الراحل / عبدالعزيز بن الصديق .

قال العلماء النكاح هو العقد على إباحة الاستمتاع الكامل بالزوجة, و تمليك للبضع, فلأجل هذا لا يجب على الزوجة أن تخدم زوجها في شيء مطلقا كيفما كان صغيرا أو كبيرا من أمور المنزل, ولا يجوز للزوج إن يرغمها على شيء من خدمته حتى رضاع أولادها,إن لم تحب فلا يلزمها أن ترضعهم,وله أن يأتي بمرضعة تتولى رضاعهم, كما قال تعالى فان ارضعن لكم فآتوهن أجورهن اللهم إلا اللبا و هو الذي يكون في الثدي عقب ولادة المولود فإنهم قالوا يلزمها إرضاعه لأنه لازم لصحة المولود,وأما سوى ذلك,فلا يجب عليها الرضاع,لان المعقود عليه من جهتها هو الاستمتاع,فلا يلومها غيره, نعم لها أن تضرب الرقم القياسي  في خدمته و القيام بشؤون المنزل عن طريق الإكرام و الأخلاق المرضية جرت بذلك العادة .

أما على سبيل الإيجاب و اللزوم,فلا يجب على الزوجة عجين و لا طبخ و لا فرش و لا كنس و لا غير ذلك أصلا,لو فعلت شيئا من ذلك كانت قد أحسنت المعاشرة,واتت بما لها فيه الفضل على الزوج,وأما ما استدل به من قال بوجوب شيء على الزوجة في خدمة الزوج,و القيام شؤون المنزل فلم يأت فيه بما يدل على مدعاه كما  يعلم ذلك من راجع كلامهم في الموضوع,و لهذا  قال ابن حزم وعلى الزوج أن يأتيها بكسوتها مخيطة تامة و بالطعام مطبوخا تاما,وإنما عليها أن تحسن عشرته ولا تصوم تطوعا وهو حاضر إلا بإذنه,ولا تدخل بيته من يكره,ولا تمنعه نفسها متى الراد,وان تحفظ ما جعل عندها من ماله .

ثم قال  بعد أن ذكر قول من قال بإلزام الزوجة بالخدمة ونحن لا نمنع من ذلك أن تطوعت المرأة به,و إنما أتكلم على سر الحق الذي تجب به الفتيا, و القضاء بإلزامه,وقال (فان قيل) قد قال الله تعالى فان أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا(قلنا)أول الآية بين فيما هي هذه الطاعة,قال تعالى واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن و اهجروهن في المضاجع...فصح أنها الطاعة إذا دعاها للجماع فقط(قال)ومن ألزم المرأة خدمة دون خدمة,فقد شرع ما لم يأذن به الله تعالى,وقال ما لا يصح,وما لا نص فيه,وكذلك بين عليه الصلاة و السلام أن لهن علينا رزقهن و كسوتهن بالمعروف,فصح ما قلناه من أن على الزوج أن يأتيها برزقها ممكنا لها أكله,و بالكسوة ممكنا لها لباسها,لان ما لا يوصل إلى أكله و لباسه إلا بعجين,وطبخ و غزل,ونسج,وقصارة,و صباغ و خياطة فليس هو رزقا,ولا كسوة,هذا ما لا خلاف في اللغة فيه و المشاهدة,انتهى كلام ابن حزم.

وبه يعلم القارئ أن الزوجة غير ملزمة بخدمة الزوج في شيء مطلقا, و الواجب عليها هو أن تمكنه من الاستمتاع بها لان هذا الذي وقع العقد من اجله و بسببه, ولا يجوز لها أن تعتذر عن ذلك,وتمنعه من هذا الحق الذي شرعه الله تعالى له,وجعله لازما للزوجة و فرضا عليها بحيث إذا تمنعت منه فللزوج أن يطلقها,ولا يكون ظالما لها بذلك بخلاف لو تمنعت من خدمته و خدمة المنزل  فلا حق له في الطلاق و إذا طلقها لأجل ذلك يكون ظالما لها لأنه طلقها على ما لا يجب  عليها في شريعة الله تعالى,ولكن إذا قامت الزوجة بشيء من الخدمة فإنما هو تطوع و فضل منها على الزوج يجب عليه أن يقدرها عليه,وكذلك لا يجب على الزوجة أن تمكن الزوج من شيء من مالها,فما يفعله كثير من الجهلة و أصحاب النفوس الدنيئة من إلزام الزوجة إذا كانت موظفة أن تشاطره النفقة في أجرة المنزل و تنفق على أولادها من مالها,وتدفع أجرة الطبيب,فلهذا غير جائز في شيعة الإسلام التي أعطت لكل ذي حق حقه .

,بل لو عقد على المرأة و شرط عليها أن تنفق عليه كان العقد باطلا لأنه شرط غير مشروع  في حق الزوجة,و الذين يتكلمون عن حقوق المرأة لااراهم يشيرون  الحق الذي لما وقه إهماله و عدم اعتباره في الحياة الزوجية,نشا عنه كثير من المشاكل  و النزاعات يؤدي بعضها إلى الفراق مع وجود الأولاد,كما شهدته,وكل هذا لعدم فهم حكم الشريعة في الموضوع من أن الزوجة لا يلزمها أن تعطي للزوج شيئا من مالها ولو علبة كبريت إلا إذ تطوعت فلها في ذلك الأجر,بل صداقها الذي أعطاه الزوج يعتبر ملكا لها لا يجب عليها أن تتجهز به في شيء من زفافها كما جرت به العادة,لان الصداق جعله الله تعالى ثمنا للبضع و هي التي تملكه فكيف تكون البضاعة لها و الثمن لغيرها؟

و هذا لا يجوز شرعا,وقد قرر الله تعالى هذا بقوله فان طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا فهذه المسائل يجب أن تكون أحكامها على بال كل زوج أو من يريد الزواج حتى لا يقع في نزاع وخصام لا أصل له في دين الله تعالى مع الزوجة إن امتنعت عن خدمته و القيام بشؤون المنزل,ودفع مالها له لان المرأة كما قال علي بن أبي طالب عليه السلام ريحانة وليست قهر مانة يعني إنما تصلح للمتعة و للذة,وليست وكيلا في المال ولا وزيرا في رأي,وحيث أن الزوجة  ريحانة كما قال علي بن أبي طالب ,وكما قال عمر لما سئل عن الرجل يقبل امرأته وهو صائم قال ريحانة يشمها لا باس,كان الزوج الحق الكامل في الاستمتاع بهذه الريحانة على مختلف الأشكال,والأنواع لا مانع,ولا محظور ولا مكروه,في شيء من أنواع هذا التمتع,خلاف ما يتوهمه الجهلة ومن ليس له خبرة بالعلم,فالأدلة الشرعية أباحت للزوج أن يأتي زوجته على الشكل الذي يروقه ويلتذ به,ويكون كافيا له في الإحصان و عدم التطلع إلى الغير,ومن منع من ذلك فقد برهن على قصوره و جهله بدينه وبعده عن أحكامه .

فالقران العظيم دل على جواز إتيان الزوجة بكل وجه يشتهيه الزوج و تميل إليه نفسه و يحبه طبعه,فقوله تعالى نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم أنى شئتم أنى هنا بمعنى كيف ودل على ذلك سبب نزول الآية,فقد كانت جماعة من الصحابة يتلذذون بنسائهم مقبلات و مدبرات و مستلقيات,فتزوج رجل من المهاجرين امرأة من الأنصار فذهب يفعل بها ذلك,فامتنعت لان الأنصار سمعوا من اليهود قبح ذلك,فبلغ خبر المهاجر مع زوجته لرسول الله فانزل تعالى  نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم أنى شئتم مقبلات و مدبرات و مستلقيات وفي الفرج,حتى نقل جماعة عن مالك جواز إتيان المرأة في دبرها أخذا بعموم الآية,ولكن لم يصح ذلك عن مالك.ووردت الأحاديث في تحريم إتيان المرأة في دبرها وسمته اللوطية الصغرى .

والمقصود أن الآية أفادت أن الزوج مع زوجته في حرية تامة في اختيار كيفية المواقعة,و هيأة المضاجعة,حتى قال أئمة السلف للزوج أن يضرب بذكره في عكن بطن زوجته,وتحت إبطها,وفيما يتم له التلذذ بها لاسيما أيام حيضها,فان الرسول قال لمن سأله عن ذلك قال  تازر و عليك بأعلاها ولكن عيب الناس اليوم هو البعد عن العلم ,واعتناقهم للجهل وبعدهم عن معرفة الأحكام كما هي مقررة في كتب الأئمة فإذا سمعوا ما يجهلون وما لم يحيطوا به علما أنكروا ما سمعوا من العلم ورأوه جهلا لأنهم جهلة,ومن عجيب الأمر أنهم اتبعوا اليهود فيما حرموه علينا من التمتع بأزواجنا كما قال ابن عباس اكذب الله اليهود في زعمهم و أباح للرجال أن يتمتعوا بنسائهم كيف شاؤوا. وقد قال علي بن أبي طالب في شان الزوجة “هي مطية يركبها كيف شاء”.

وأشار ابن يامون التليدي في منظومته في أدب النكاح الشرعي إلى هذا بقوله وكل حالة سوى مل يذكر جاز عليها الوطء عوا واختبروا لكن ما ذكرت صاح أولى و قيل بل من خلفها فلتملا اعني لدى المحل وهيب باركة على عماد لا تكونن تاركة يعني أن الوطء لا يختص بهيأة و لا حالة من الحالات كما ذكرت  سابقا بل الحكم في ذلك يرجع إلى رغبة الزوج و الزوجة فيما يطيب لهما من ذلك فما استحلياه و مالت إليه نفساهما  فلهما فعله ولهذا قال ابن يامون :

و جاز في الافخاد صاح أو ما           ضارعها فأحفظ وقيت الشؤما

ومنظومة ابن يامون هذه لطيفة في آداب النكاح الشرعية و شرحها عدد العلماء ,ووقفت على شرح لها للفقيه التهامي كنون سماه(قرة العيون بشرح نظم ابن يامون),لكنه ملاه بالأحاديث الموضوعة التي لا أصل لها,وإنما تدور على السنة العامة ووضعها لا يخفى على طالب,وإنما الفقيه كنون لم يكن له علم بالحديث فلذلك أدرج تلك الموضوعات في  شرحه وقد طبع شرحه حفيده الأستاذ عبد الله كنون الذي كان رئيسا لرابطة علماء المغرب,وهو أيضا لم يشر إلى وضع تلك الأحاديث و أنها كذب لا أصل لها مع أنذلك واجب على كل  من له اشتغال بالعلم ولكنه لم يكن هوالاخر على علم الحديث.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.