سوق “البلاصا الجديدة” بطنجة.. يتحول من مركز تجاري راق إلى فضاء يعج بالمـ ـنحرفين

البوغاز نيوز : “سوق الرمل” أو “البلاصا الجديدة” كما يحلو لسكان طنجة تسميه، سوق تاريخي شهير يخفي بداخله أسرارا غريبة لا يعرفها أغلب المواطنين الذين يرتادونه للتبضع، إذ لم يفلح منظر الورود المعروضة بدكاكينه الآيلة للسقوط، في إخفاء الممارسات الشاذة التي تمارس بداخله وحول جنباته، بعد أن هجره أغلب التجار، وأصبح يحتضن عشرات من مروجي المخدرات بشتى أصنافها، وكذا عددا كبيرا من المتسولين والمنحرفين، ما حول هذا المرفق السوسيواقتصادي إلى بؤرة للإدمان ومشتل حقيقي لتفريخ الخارجين عن القانون.

فبولوجك إلى “سوق الرمل” ، الذي يتواجد عند تقاطع شارعي فاس وهولندا بمقاطعة طنجة المدينة،  ينتابك شعور بخوف غريب وأنت تتجول بين دكاكينه المهترئة، لاسيما عندما تجد نفسك وسط عدد من المتشردين وأشخاص مشبوه فيهم يحملقون فيك بعيون جاحظة، تحتم عليك أن تسير بحذر دون أن ترفع عينيك للنظر إليهم تجنبا لأي مكروه، وتختار مفردات مناسبة للتعامل معهم إن أردت الخروج بسلام ودون خسائر، لتتأكد في النهاية أن التجول لمفردك بهذا السوق يعد بمثابة مخاطرة.

سوق رائجة للمخدرات والقرقوبي

“سوق الرمل” بطنجة، الذي يعود تاريخه إلى أوائل العهد الدولي ويكتسي أهمية تاريخية كواحد من أقدم المرافق التجارية بالمدينة، أصبح اليوم يعيش وضعا كارثيا، بعد أن تحول من معلمة تاريخية اقتصادية إلى مقر لترويج المخدرات بشتى أشكالها ( الكوكايين والهروين وحبوب الهلوسة ومادة السلسيون)، خاصة بعدما تم هدم سوق “فندق الشجرة” من أجل إصلاحه وتأهيله، وتحول إليه عدد من تجار الممنوعات لإخفاء سمومهم داخل المحلات التجارية المهجورة، وترويج النشوة الزائفة بين شباب سقطوا في شراك الإدمان، يقصدون السوق من أحياء ومناطق مختلفة بالمدينة، ويتم تسليمهم البضاعة أمام الملأ دون أي حسيب أو رقيب.

وبحسب شهادات عدد من تجار هذا المركز التجاري العتيق، فإن الوضع الحالي للسوق أصبح يسير من سيء إلى أسوء، بعدما استوطنه عدد من الدخلاء، وتزايد عدد مروجي المخدرات الصلبة والأقراص المهلوسة، الذين نجحوا في استقطاب شباب المدينة من مختلف الأعمار، ما أثر بشكل واضح على سمعة هذا المرفق وجاذبيته، وتخلى عنه عدد كبير من سكان المدينة، سواء المغاربة أو الأجانب، الذين كانوا يقصدونه بشكل يومي على مدى عقود طويلة، بحكم جودة معروضاته وتفرده ببيع السلالات النادرة من الكلاب والقطط والحيوانات الأليفة والطيور ومستلزماتها.

أزبال وروائح تزكم الأنفاس : 

أكد تجار ومهنيون بـ “سوق الرمل” بطنجة، أن سمعة السوق لا تنحصر في كونه مركزا تجاريا تاريخيا فقط، بل واحدا من رموز التراث الثقافي والاقتصادي في مدينة طنجة، إلا أن وضعه الحالي، يقول التجار إنه أصبح يثير نوعا من الشفقة والحسرة، لا سيما عندما تستقبلك بمدخله روائح كريهة تشمئز منها النفوس، جراء تراكم النفايات وبقايا الطعام وأحشاء السمك وريش الدجاج، التي تغطي الأرصفة وتحولها إلى أشبه مستنقع يزيد من تشويه المكان، في ظل عدم وجود العدد الكافي لحاويات القمامة،  ما يؤكد بالملموس الإهمال والضياع الذي يعيشه السوق.

وذكر عدد من التجار في لقاء مع “الصباح”، أن فضاءات “البلاصا الجديدة” لم تعرف أي إصلاحات تذكر منذ سنوات السبعينات، وباتت حالتها متردية للغاية وتعاني من التلوث والفوضى ليلا ونهارا، بعد أن كانت مثالا للتنظيم والنظافة، رغم الوعود التي ظل رؤساء المجالس المتعاقبة يطلقونها في كل مناسبة.

وقال أحدهم إننا “اعتدنا على الوضع الحالي وأصبح التعامل مع النفايات جزء من حياتنا اليومية، إذ يعمل كل واحد منا على المساهمة في جمع القمامة وتنظيف السوق كل حسب قدرته، إلا أن الجهود الفردية لا تكفي أمام الكم الهائل للأزبال المتراكمة والأنشطة غير القانونية التي غزت السوق في السنوات الأخيرة، حيث أصبح من الضروري أن تتحمل الجماعة مسؤوليتها بخصوص الوضع البيئي داخل السوق وبمحيطه، وأن تتدخل السلطات الأمنية لوضع حد للتسيب وحماية السوق من الغرباء، الذين أصبحوا يفرضون سطوتهم على السوق وتجاره الأصليين”.

سكان متدمرون  :

تشير شهادات عدد من السكان المجاورين للسوق المذكور، إلى أن الوضع الأمني في هذا المرفق ازداد خطورة في الآونة الأخيرة مع تزايد أعداد مروجي المخدرات الصلبة والأقراص المخدرة، الذين يختفون ليلا داخل هذا المرفق التجاري، ويحولونه إلى فضاء لمزاولة أنشطتهم الإجرامية، من دون تسجيل تدخلات أمنية ملموسة لمعالجة هذا الوضع.

وقال  أحد السكان، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، إن “الوضع، خلال السنوات الأخيرة، أصبح في غاية الخطورة، بعدما بات العديد من المدمنين يقصدون السوق بغاية إشباع حاجياتهم من المخدرات، ما انعكس بشكل لافت على جاذبية السوق، الذي شكل على مدى عقود طويلة، مركزا راقيا للتسوق، نظرا لموقعه المتميز بوسط المدينة، وجودة المنتوجات المعروضة بهذا الفضاء، الذي يعود تاريخ إحداثه إلى القرن العشرين.

ويناشد السكان ومعهم التجار المجاورين للسوق، الأجهزة الأمنية بالتدخل لوضع حد لهذا الوضع المقلق، وإخلاء البناية من المشبوهين ومجهولي الهوية، بعدما أصبحوا يشكلون خطرا كبير على التجار والراغبين في التبضع، مشيرين إلى أن الحملات الأمنية السابقة لم يكن لها أثر كبير، خاصة أن الأحكام الصادرة في حق الموقوفين كانت ضعيفة نتيجة اعتمادها على محاضر فارغة لا تتضمن الجرائم المرتكبة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.