بعد مبارة النيجر.. نحتاج الى مدرب من طينة الكبار لقيادة ما نملكه من كنوز ثمينة

البوغاز نيوز : بقلم ” عبد العزيز حيون”.

مدربنا وليد الركراكي قد تقول إننا لسنا في مستوى معارفك الكروية ولم نخضع لأي تكوين أكاديمي ولم نلعب على أعلى مستوى حتى نناقشك في مجالك الذي هو كرة القدم .

لكن اسمح لي سي الركراكي أن أوجه لك ملاحظات قد يتفق معها جل المغاربة إن لم يكن الكل، مفادها أنه يصعب عليك تدريب نجوم مغاربة يرافقهم التميز في كل الملاعب العالمية ولهم بصمة خاصة وأداء جيد في كل الفرق التي يجاورونها، و”لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت..”، صدق الله العظيم، أي لا يكلف الله أحدا فوق طاقته كما أن الله لم يكلف عباده إلا ما يستطيعون كما أن النفس لها حق على صاحبها، ولا يختلف اثنان في ذلك، وبطبيعة الحال الإنسان فوق طاقته لا يلام .

لذلك أرجوك سي الركراكي كفى من استدعاء نجومنا الذين يفرحوننا كل أسبوع ودعهم وشأنهم وليختاروا ما يناسبهم ويحلوا لهم، لأنك قد تفسد عليهم مستقبلهم الكروي، وربما تضيع عليهم فرص التألق في آفاق أخرى ..

حين أرى نجوما من قيمة الصيباري وعدلي وندير الخنوس والصحراوي وعبقار وأزنو وتارغالين وإغامان في دكة الاحتياط يتحسر قلبي، لأن هؤلاء، الذين نتابعهم كل أسبوع ونفتخر بهم كمغاربة لعطائهم واجتهادهم ومثابرتهم وجديتهم وقدراتهم على تغيير مجرى المقابلات ويلقون التنويه دائما من التقنيين العارفين كما من الجماهير العريضة الذواقة .

يجلس هؤلاء النجوم على حافة الملعب والمنتخب في حاجة ماسة إليهم، كما تبين للجميع خلال مقابلة النيجر، وللتذكير فقد فعل بك المدرب بادو زاكو ما أراد وبعث لك برسالة مفادها أنه لازال أستاذك الذي علمك فنون الكرة يوم كان مدربك ويوم بلغت معه نهائي كأس أفريقيا بتونس سنة 2004 ..

 أعود لأقول لك سي الركراكي إن النجوم الذين تركتهم على دكة الاحتياط و”شبعو برودة ” بمساء وجدة البارد كان المنتخب في أمس الحاجة لخدماتهم، وكيف للاعب يجاور وجاور فرقا عديدة واستقطبته فرق تمارس بانجلترا أو إسبانيا أو فرنسا أو ألمانيا أو إيطاليا أو سكوتلاندا وتدفع لهم الأموال الطائلة ويشرف على تدريبهم مدربون أكفاء، أن لا تحتاج الى عطائه وتتركه نسيا منسيا، ولولا وطنيته لربما ندم على تلبيته لدعوتك بعد أن ترك الجمل بما حمل في بلدان تمنح القيمة الحقيقية  للنجوم والتقدير الواجب لهم  ..

اسمح لي سي الركراكي قد أكون قاسيا بعض الشيئ، وأقول لك بكل حسرة إنه  من الصعب أن تشرف على تدريب ثلة من النجوم، لأن ذكاءهم الكروي وتقنياتهم العالية تتجاوز قدراتك التدريبية، ولا عيب في ذلك لأن الله فرق بين بني البشر في العقل والبدن والمال ..

واستنتاجي نابع من أني لاحظت كما لاحظ الكل أن لك صعوبة في القراءة التقنية لمجريات المقابلات، وليست لك نظرة ثاقبة لتستغل بشكل أمثل قدرات اللاعبين، ولست من طينة المدربين الذين يبدلون الخطط حسب الظرفية والظروف، خاصة وأن منتخب النيجر  بقيادة المدرب المغربي بادو الزاكي  فضلوا التكتل في الدفاع وهم يعلمون حق العلم أن المغرب يتوفر على نجوم من طينة الكبار جدا باستطاعتهم تغيير معالم المقابلة كما يفعلون في أنديتهم، والأدلة كثيرة  .

وأنا شخصيا لا يسعني إلا أن أقف إجلالا واحتراما وتقديرا لوفاء اللاعبين المغاربة الشباب الذين يفضلون تغيير جنسيتهم الكروية تلبية لنداء الوطن الأم ويرفضون اللعب لمنتخبات دول المنشأ، ومن العيب أن يكون مصير هؤلاء هو الجلوس على دكة الاحتياط في مساء بارد بعد أن أنهكهم صوم رمضان ومسافة السفر .

سي الركراكي، عليك أن تترك العاطفة في الجانب وتستدعي من يستحق لحمل قميص المنتخب ومن بإمكانه تقديم الإضافة المرجوة للمنتخب، فقد تبين بالملموس أن بعض اللاعبين تخونهم اللياقة لعامل السن أو لعدم جاهزيتهم، فلا عيب أن نستدعي الأجدر والأكفأ والأحسن والأقوى والأذكى لأن الأمر لا يتعلق بفريق من فرق الأحياء بل يتعلق بالمنتخب  الوطني، الذي يعلو ولا يعلى عليه، ولا نجبر الخواطر على حساب المنتخب الذي راكم سمعة طيبة يجب أن يحافظ عليها ،وله كل مقومات التألق على المستوى العالمي .

أعتذر سي الركراكي ولكني أشاطر رأي الكثيرين الذين يرون أن المنتخب المغربي بترسانته القوية ونجومه الكبار يحتاج الى مدرب من طينة الكبار أيضا، ولا عيب في ذلك لأن مصلحة البلاد تقتضي ذلك، من جهة لأننا مقبلون على محطات كروية مهمة في زمن أصبحت رياضة كرة القدم صناعة عالمية حقيقية وقضية وطنية ومحط اهتمام الملايير من الناس عبر العالم، ومن جهة أخرى لنا من المقومات الكبيرة جدا التي يمكن أن تذهب سدا بسبب سوء التقدير ومحدودية الفكر التقني .

 تيقن سي الركراكي أنه إذا لم يهتم المغرب بهؤلاء  اللاعبين الشباب الذين اختاروا اللعب للمغرب عن طواعية وحب ووفاء ولم تعرهم الاهتمام الكافي وتمنحهم الفرص التي يستحقونها وتستغل الاستغلال الإيجابي الأمثل لقدراتهم وفنياتهم وتميزهم الكروي، سنحبطهم وسنخسر أجيالا أخرى من الشباب المتطلع للعب للمنتخب المغربي.

بلغة الأرقام وبتقييم الخبراء والتقنيين العالميين نمتلك الآن لاعبين لا تمتلكهم حتى أعتد المنتخبات العالمية المرجعية التي لها باغ طويل، والدليل على ذلك أننا لا نتابع مقابلة على الشاشة في أقوى الدوريات إلا ونجد لاعبا مغربيا يتألق في الأداء، وفي الأخير نسمع من سي الركراكي أن له نقصا في التشكيلة ويؤرقه ذلك ولا يجد الحل لسد الثغرة وسد الخصاص، ويستدعي في الأخير لاعبين في دوريات متواضعة جدا لولا أنها تحظى بالدعاية والتبجيل الفارغ  ..

سي الركراكي، أنا في رأيي على الجامعة أن تمنحك مهمة تليق بقدراتك التواصلية وإمكاناتك الخطابية في الإقناع، وهي مهمة مد الجسور مع اللاعبين المغاربة في الخارج، تحت إشراف مدرب من مستوى عالي قادر على تدبير ما نملكه من كنز حتى لا يهدر هذا الكم الهائل والنوعي من الموارد البشرية والقادر على استغلال المهارات على أحسن وجه، لأننا نخاف أن يذهب هذا الكنز سدى ونخسر جيلا بكامله

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.